"واشنطن بوست": "الصيغة البراغماتية" تقدم الأمل بشأن وقف الصراع بالشرق الأوسط
صفقة "المزيد مقابل المزيد" في حرب غزة
ستجلب صفقة الرهائن بين إسرائيل وحماس الفرح لعائلات 50 امرأة وطفلا إسرائيليا تم إطلاق سراحهم في البداية، ووقفا مطلوبا بشدة للقتال لمدة 4 أيام من أجل المدنيين الفلسطينيين المحاصرين في حرب غزة، ويمكن أن يتوسع تدريجيا إلى خفض تصعيد أوسع للصراع الكابوسي، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".
وتعد الفكرة الأساسية التي تقود اتفاق إطلاق سراح الرهائن، الذي صادقت عليه الحكومة الإسرائيلية في وقت مبكر من يوم الأربعاء في القدس، هي "المزيد مقابل المزيد"، وهي صيغة معروفة جيدا في مفاوضات الحد من التسلح، بمعنى إذا سلمت حماس المزيد من الرهائن، فإن إسرائيل ستكون مستعدة لتمديد وقف إطلاق النار.
ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول إسرائيلي كبير، أنه لا يوجد حد أقصى للمدة التي قد توقف فيها إسرائيل عملياتها في غزة، حيث تسعى إسرائيل للإفراج في نهاية المطاف عن جميع الأسرى، بمن فيهم أولئك المنتسبون للجيش.
وقال المسؤول الإسرائيلي "إذا استغلوا فترة التوقف للحصول على المزيد من الرهائن وإطلاق سراح المزيد، فسنمنحهم المزيد من الوقت"، إنها صيغة براغماتية مفاجئة لتخفيف الصراع الذي بدأ بهجوم حماس الإرهابي الوحشي في 7 أكتوبر واستمر من خلال الهجوم الإسرائيلي الذي لا هوادة فيه لمدة 6 أسابيع والذي أوقع المدنيين الفلسطينيين في مرمى النيران.
وتستند هذه الرواية لكيفية ظهور الصفقة إلى محادثات مكثفة يوم الثلاثاء مع مسؤول قطري كبير ومسؤول إسرائيلي كبير، وطلب كلاهما عدم الكشف عن هويتهما بسبب حساسية المفاوضات، كما أشاد المسؤولون الأمريكيون، الذين لعبوا دورا حاسما في رعاية الصفقة، بدور الوساطة الذي تقوم به قطر والدعم من مصر.
وبموجب الاتفاق، ستفوز حماس بالإفراج عن حوالي 150 امرأة وطفلا فلسطينيا في سن المراهقة محتجزين في السجون الإسرائيلية، بالإضافة إلى وقف القتال، وسيتم إطلاق سراح المعتقلين من الجانبين في مجموعات خلال الهدنة التي تستمر 4 أيام.
وتعد الصفقة دراسة حالة في كيفية عمل الوساطة الدبلوماسية، كانت القناة في جزء منها عملية استخباراتية، تديرها بهدوء وكالة المخابرات المركزية والموساد الإسرائيلي، وعلى الرغم من انتقاد قطر من قبل بعض الإسرائيليين لإيوائها إرهابيي حماس، فإنها أثبتت أنها وسيط لا غنى عنه.
ومع مرور الوقت، أصبحت كل من إسرائيل وحماس تثقان في موثوقية الوسيط، كما أشاد مسؤول كبير في إدارة بايدن بمصر للمساعدة في إنجاح الصفقة.
وكما هو الحال في معظم المفاوضات، تم وضع الإطار الأولي للاتفاق المتوقع في 25 أكتوبر، قبل يومين من بدء إسرائيل هجومها البري على غزة، كان القتال البري بمثابة تعطيل، لكن المحادثات استمرت.
يقول المسؤول: قبل أسبوعين تقريبا، في الدوحة، شُرحت لي صيغة الرهائن مقابل الأسرى، تلا ذلك المزيد من التأخير، ولكن في الأسبوع الماضي، حدد لي مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى في تل أبيب الحزمة التي تمت الموافقة عليها في وقت متأخر من يوم الثلاثاء.
قال مسؤول قطري كبير خلال مقابلة مع "واشنطن بوست" يوم الثلاثاء: "هذا دليل على أن الحوار يعمل.. إنها خطوة أولى.. في جميع وساطاتنا، تتخذ خطوات صغيرة تؤدي إلى صفقات أكبر".
وكانت القضية الأكثر صعوبة هي من يسيطر بالفعل على الرهائن، وعلى الرغم من أن الأسرى كثيرا ما وصفوا بأنهم تحت سيطرة حماس بالكامل، فقد أخبر المسؤول الإسرائيلي أنه من بين ما مجموعه حوالي 100 امرأة وطفل إسرائيلي -بمن فيهم الأطفال الصغار والرضع- لم تتمكن حماس من الوصول الفوري إلا إلى الـ50 الذين سيتم إطلاق سراحهم.
وقال المسؤول إنه من المحتمل أن تسيطر المجموعة على 20 آخرين، وإذا تم إطلاق سراحهم، فإن إسرائيل ستمدد فترة التوقف.
وتحتجز فصائل أصغر مثل "الجهاد" نحو 30 امرأة وطفلا إضافيا، وتحتجز عائلات فردية عددا قليلا، وسيكون العثور على الآخرين وإطلاق سراحهم أكثر صعوبة، لكن حماس لديها حافز.
وخلال فترة التوقف التي تستمر 4 أيام، ستسمح إسرائيل بتسليم الوقود وغيره من الضروريات للفلسطينيين الذين تعرضوا للضرب خلال الحرب التي دمرت المناطق المدنية في قطاع غزة.
وقد تسمح هذه الهدنة لحماس بإعادة تنظيم صفوفها، ولكنها قد تخفف أيضا من الانتقادات الدولية المتزايدة لإسرائيل التي بدأت تهدد المصالح الوطنية الإسرائيلية.
وحتى لو تم إطلاق سراح جميع النساء والأطفال الإسرائيليين، فإن حوالي 140 رهينة أخرى ستبقى هناك، ويأمل القطريون أن تفرج حماس تدريجيا عن هؤلاء أيضا، وربما تشمل في نهاية المطاف الجائزة النهائية، وهي الرجال والنساء العسكريون، ويعد الثمن الذي ستطلبه حماس في عدد السجناء الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم غير واضح.
وكانت التفاصيل اللوجستية موضوع مساومة مكثفة، حيث أصر الإسرائيليون على أنه لا ينبغي فصل الأطفال عن أمهاتهم أثناء الرحلة إلى الحرية، وطالبت حماس بعدم تعقب طائرات الاستطلاع الإسرائيلية بدون طيار عناصرها أثناء تنقلهم بين المواقع لجمع ونقل الرهائن، وأرادت قطر غرفة عمليات في الدوحة، تدار بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، للمساعدة في إدارة الاتصالات.
وشددت إسرائيل على أنه لا يمكن إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين الذين قتلوا إسرائيليين، ما لم يكن لدى عائلات الضحايا 24 ساعة للاحتجاج أمام المحكمة العليا الإسرائيلية.
وحتى مستوى المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة كان نقطة تفاوض، وأوضح المسؤول الإسرائيلي أن إسرائيل بدأت السماح بدخول إمدادات الوقود وقوافل الإغاثة إلى غزة قبل بضعة أيام، لكنها أحجمت عن الموافقة على المزيد من الشحنات حتى توافق حماس على جميع شروط إطلاق سراح الرهائن.
وما لم تتنازل عنه إسرائيل في صفقة تبادل الرهائن مقابل الأسرى هو رغبتها النهائية في تدمير قوة حماس السياسية في غزة.
قال المسؤول الإسرائيلي الرفيع: "من الواضح أن الإطاحة بحماس من السلطة لا تزال مطلب إسرائيل الوحيد غير القابل للتفاوض.. لا يمكننا السماح لحماس بالخروج من الأنفاق، وإعلان النصر وحكم غزة".